U3F1ZWV6ZTM5ODc4MDMzOTI4ODg2X0ZyZWUyNTE1ODUxMjA5MDI5Ng==

ما ضاع حق وراءه مطالب


ما ضاع حق وراءه مطالب



عن لسان صاحب الواقعة:
الأستاذ/ حسام بدوي محام بأحد البنوك المصرية

 وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْل

" لنا ربنا اللى أكبر من الكل، والله الواحد بيصعب عليه ضعاف النفوس لما ربنا يمكنهم أو واحد جاهل بعمله وطبعا الكارثة هنا لما تكون الصفات دي اجتمعت فى قاضى اللى المفروض أنه رجل صاحب علم، حتى لو كان علمه فى حدود اختصاصه المهم أنه يكون ملم بيه علشان يعرف يقضى بين الناس بالحق!

أنا بتكلم عن قاضي جنح حضرت أمامه علشان أقر بالصلح في عدد ٥ جنح وأقدم أصول شيكات فى جنحتين تانين وأنضم للنيابة العامة فى طلباتها.

جاء دور الجنحتين وطلبت من سيادته يعرفنى آخر رقمين فى الشيك علشان أقدم الشيك الخاص بكل جنحة، فوجئت بأنه بيبلغنى بآخر رقمين من رقم الحساب وليس رقم الشيك!! بالبلدى كده مش عارف يقرأ الشيك! فوجهته لأرقام الشيك فين، وبناء عليه قدمت أصل الشيك لكل جنحه وتمام أوى كده.

دخلنا بقى فى الجنح المتعلقه بالصلح.... عميل البنك سدد وأنا بحضر الجلسة علشان أتصالح، بسيطة جداً،.....
أصل التوكيل وصورته + أصل الكارنيه وصورته + وكيل المتهم موجود، وكل حاجه جاهزه على إنى أوقع بمحضر الجلسة ونمشى.....
بعد ما شاف أصل الوكالة،

- قال لى:  لأ ده مفيهوش نص الصلح!
* المهم وضحتله فين نص الصلح بالتوكيل....تمام.
- قال لي: هات أصل الكارنيه

* اتفضل.
- طلباتك؟
* الحاضر عن المجنى عليه يقر بالصلح فى الجنحة المنظورة بجلسة اليوم، تمام.

- اكتب يا بنى وأقر الحاضر عن المجنى عليه أنه تصالح وتنازل وتخالص وقبض كامل مبلغ الشيك محل الجنحه المنظورة بجلسة اليوم.
- امضى يا أستاذ...

* امضي على إيه سعادتك!!

- على محضر الجلسة!!..

* آسف أنا طلباتى فى أنى أقريت بالصلح فقط دون التنازل ودون التخالص والبنك مأخدش كامل قيمة الشيك ولا حاجه من دي أبدا.....

- نعم؟! ما أنت بتتصالح، يعنى أخدت فلوسك، وده نظام المحكمة هنا.

* آسف سيادتك، أنا بصمم على طلبي وأوضح لسيادتكم، أنا ليه مش بتنازل ولا بتخالص:
أولاً:  أنا لم أدعي مدنيا قبل المتهم حتى يتم التنازل عن حقى المدنى فى الرجوع عليه.
ثانياً:  ممكن التسوية تمت عن طريق سداد جزء واعفاء من باقى المديونية، وأنا حضرتك أقمت الجنحة قبل ما ييجى العميل يعمل التسوية معايا، ده الحكم اللى صدر بادانته هو اللى جابه.
بناء عليه وفى ضوء إنى هقر وفقا لطلب سيادتك إنى تخالصت وقبضت كامل قيمة الشيك يعنى أنا حصلت منه مبلغ المديونية الوارده بعقد التسوية بخلاف اللى دفعه أثناء فترة انتظامه مضافا إليه كمان كامل قيمة الشيك ده وكمان فى أربعه مثله يعنى ياخد حكم
سيادتك فى الجنح ده ويرفع عليه دعوى حساب وياخد أضعاف ما تم دفعه بالشكل ده!!!

- لا الكلام ده أنا معرفهوش! يا تتصالح بالشكل ده، يا إما أنت مش عايز تتصالح... 

* لا هتصالح بالشكل اللى أبلغت سيادتك بيه - إقرار بالصلح فقط -.

- ماشى آخر الجلسه علشان نتناقش....

* وآخر الجلسه ليه يا ريس؟ هو مش الشكل مكتمل؟ والطلبات بسيطة ومشروعة؟
ليه آخر الجلسة؟!!!
* خلاص أنا همضى لسيادتك، بس هكتب بجانب توقيعى وأقر بالصلح فقط...

- أنت هتهرج يا أستاذ!
- اتفضل آخر الجلسة..

* طيب ممكن التوكيل؟

- لا متأسف، علشان أضمن إنك هتناقشنى وتبقى موجود...

* بس حضرتك عندى جلسات تانيه...

- اتفضل يا استاذ..
- اللى بعده.......

المهم

فضلت مستنى آخر الرول، الكلام ده من الساعه ١٢ ظهراً لحد ما رفع الجلسه على ٢ كده..
روحت للحاجب، اتفضل الكارنيه وقوله إننا أصحاب الرول كذا وعايزين ندخل..
لا يا أستاذ هو عارف إنك عايز تدخل ومنبه إنك تدخل بعد التجديدات..
ماشى الساعه جت ٥ لو سمحت ادخل بلغه وخد الكارنيه معاك...
طلع بعد ربع ساعه: يا أستاذ بيقولك "لما يعوزك هيبعتلك"
هو هينظر المحابيس يعنى معاك ل ٩ بليل ولا ١٠ ومنشكح قوي، وبيقولى: "أنت غلطان والريس صح، يعني لازم تقاوحه؟!"....
وأنت تعرف إيه الصح من الغلط؟!
إذا كان الريس بتاعك مش عارف؟!

ربنا يصبرنا.....

الأكل دخل،... الباشا اتغدى وخلص محابيس، وبعد كده على ٨م بعتلى أخيراً...

- هاه ناقشنى بقى...

* أناقشك فى إيه؟!...

- فى طلباتك...

* أنت عارفها،  وتكدير سيادتك ليه مش هيغير من طلباتى فى شئ...

- أنا مش مكدرك أنا حقى أقرر أنظر قضيتك إمتى، وقررت إنى أخليك في آخر الرول علشان اسمعك..

* حضرتك حقك، بس مش من حقك إنك تتعسف فى استخدام سلطتك وإنت تعسفت لما قررت تخلينى آخر الجلسة بعد حتى المحابيس، رغم إن الشكل مكتمل وكل الأطراف حاضرة والتوكيلات موجودة...
* وكمان تعسفت لما حبست توكيلي، ورفضت ترده ليا، وبسببك محضرتش جلسة مسائي كانت معايا، وبسببك مصلتش لا ظهر ولا عصر ولا مغرب، ولا أكلت لقمه من الصبح، أخاف اتحرك تستدعينى متلقينيش، فتاخد قرار بخلاف المطلوب...
* وأسهل ما عليا من الصبح إنى أمشى وأسيب التوكيل معاك، أصل معايا غيره كتير بس اللى هيتبهدل المتهم، والراجل سدد وعمل تسوية للمديونيه بتاعته،..

- بقولك ايه:  "انت هتحكى فى المحكي"...

* لأ، أنا خصيمك قدام الناس اللى موجودة، وقدام ربنا يوم القيامة.
* واثبتلى فى محضر الجلسه طلباتى، وأنت عايز تطلع حكم تكتب فيه اللى أنت عايزه، ده حاجه ترجعلك، أنا مش همضى غير على طلباتى....

- اكتبله يا عم ومضيه وخليه يمشى..

بعد ما عمل اللى أنا عايزه، قلتله على فكرة: أنت لو كنت على حق مكنتش مضتنى على طلبى وقوست على جملتك.
بس أنا اللى بينى وبينك ربنا علشان هو اللى مطلع على النوايا.

 وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْل

ما ضاع حق وراءه مطالب


 الزميل الفاضل/ حسام بك بدوي-المحامي- أدب حديثه ودماثة خلقه وأسلوبه المنمق ورجاحة عقله وعلمه بتفاصيل منازعته وحرصه على مصلحة خصمه-المتهم- لأنه قام بالسداد، وهذه أمانة.
كل هذا وأكثر جعله يتحلى بالصبر ليضرب لنا نحن المحامون مثالاً للمحام المتميز صاحب العلم والأدب الجم،
المحام الذي يؤمن بمقولة " ما ضاع حق وراءه مطالب "

بالرغم من علم الأستاذ حسام وقدرته على النقاش بهدوء وتروي في واقعة أقل ما يمكن أن يحدث فيها مع زميل آخر سريع الغضب والإنفعال هو صدام بينه وبين القاضي.
بالرغم من ذلك، إلا أن ردود السيد المستشار/ قاضي الجنح جاءت عن غير علم وتعسف في استعمال الحق الذي يدعيه وعدم احترام وتقدير للزميل ووقته وتوجيه له ألفاظ ننأى بأنفسنا وبالمجتمع القانوني أجمع من طالب القانون وحتى أكبر ممتهنيه قيمة وقامة أن نتبادل فيه ما جاء على لسان عدالته!!!

ناهيكم عن أسلوب الحاجب، فلا ألومه فهو دائماً مٌنساق لرئيسه ويتبع دائماً قاعدة:
"عاش الملك - مات الملك"

هكذا جاءت ردود قاضي الجنح وأسلوبه في الحديث وألفاظه للزميل الفاضل:
- فوجئت بأنه بيبلغنى بآخر رقمين من رقم الحساب وليس رقم الشيك!! (عدم علم) 
- لأ ده مفيهوش نص الصلح! (نقص خبرة أو عدم تركيز)
- وأقر الحاضر عن المجنى عليه أنه تصالح وتنازل وتخالص وقبض كامل مبلغ الشيك محل الجنحه المنظورة بجلسة اليوم. (طلب لم يبده الحاضر)
- وده نظام المحكمة هنا. (أيُطبِق قانون أم عُرف)
- لا الكلام ده أنا معرفهوش! يا تتصالح بالشكل ده، يا إما أنت مش عايز تتصالح. (تعنت) 
- أنت هتهرج يا أستاذ!!!!!
- اتفضل آخر الجلسة.. (تسريح غير مقبول) 
____________________________
- هاه ناقشنى بقى...  
- إنت هتحكى فى المحكي (صادمة حقاً، أن تخرج من قاضٍ أثناء جلسة موجهة لمحام) 
- اكتبله يا عم ومضيه وخليه يمشى.. (أسلوب مستهجن وغير مقبول) 

هكذا كان أسلوب وكلمات الحاجب للزميل الفاضل:
- لا يا أستاذ هو عارف إنك عايز تدخل ومنبه إنك تدخل بعد التجديدات (تعسف وعند) 
- لما يعوزك هيبعتلك (مفيش حاجه اسمها كده - المحام ليس رهن إشارة القاضي) 
- أنت غلطان والريس صح، يعني لازم تقاوحه؟! (جهل وتدخل فيما لا يعنيه) 


ملحوظات هامة جداً،
1. هذا مثال واحد عن قاضي جنح أساء لنفسه ولزملائه قبل أن يُسئ للزميل، ومع ذلك نحن نرفض فكرة التعميم بتاتاً، فليس كل قضاة مصر الأجلاء هكذا.

2. لنا مجموعة أهداف من وراء نقل هذه الواقعة إلى السادة محامي مصر الأفاضل وهم:
أ. التأكيد على مقولة " ما ضاع حق وراءه مطالب ".
ب. ليحذوا الزملاء حذو زميلنا الفاضل وانتهاج ما انتهجه من أدب الحديث وحسن الحوار.
ج. التمسك بالطلبات والقتال عليها بمهنية شديدة ما دامت مشروعة وقانونية.
د. التروي وضبط النفس والتحلي بالصبر والرد من منطلق قانوني بالنسبة لواقعتك ومنطلق أخلاقي مهني ينم بصفة عامة عن مهنتك ورسالتك السامية وبصفة خاصة عن شخصك المهذب.
هـ. حال التجاوز والاعتداء، لا ترد أبداً أبداً بمثله، واسلك المسلك الذي رسمه القانون سواء عن طريق الشكوى، أو بأية طريقة أخرى متبعة.   
و. لننكر على السيد الأستاذ المستشار/ قاضي الجنح فعله.
د. وهدف أخير، ضرورة إعادة هيكلة المحاكم من تنظيم نظر الدعاوى بالقاعات وتركيب كاميرات مراقبة،.....إلخ، لنصبح أمام منظومة عدالة متكاملة تساعد على تحقيق مبدأ المحاكمة العادلة وضماناتها وتيسير أعمال المتقاضين وإجراءات وإداريات المحامين.


في النهاية نحب نشكر ونثني على عمل الزميل الفاضل/ الأستاذ حسام بك بدوي، وبنشكر قضاة مصر الأجلاء اللي لينا معاهم مواقف حميدة  كثيرة جداً، سنشاركها معكم لاحقاً.