U3F1ZWV6ZTM5ODc4MDMzOTI4ODg2X0ZyZWUyNTE1ODUxMjA5MDI5Ng==

من همس المناجاة-الأستاذ رجائي عطية


من همس المناجاة
لأستاذنا ومعلمنا رجائي بك عطية
مقتطفات هامة من مقال سعادته الذي تجدونه كاملاً في جريدة الشروق: من همس المناجاة

 يبدو أن البشر فى عمومهم لا يعنون كثيرًا ــ فيما يقولون وما يفعلون ــ بالصدق واحترامه، إنما يعنون بالنهايات والنجاحات!!..
 وقد سهل ذلك كثيرًا بناء ما بنوه وحققوه من التطورات والحضارات، ولكنهم لم يعتنوا عناية موازية بداخل الإنسان!

آية فى القرآن المجيد، وفى الحياة، وقد يرددها الناس بلا تأمل، ولو تأملوها ما تعاظم أحد أو تجبر.. تقول الآية الحكيمة: «كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ» (آل عمران 185).

قيل فى التقوى إنها جماع الخيرات.. وحقيقتها التحرز بطاعة الله من عقوبته، كمن يتقى الخطر بترسه.. وأصل التقوى اتقاء الشرك، ثم بعده اتقاء المعاصى والسيئات، ثم اتقاء الشبهات، ومن بعدها ترك الفضول!


من المحال أن ينقطع حاضر الناس كلية عن الماضى وآثاره.. لا يغير من ذلك طغيان الحاضر الماثل على صفحات وعى الناس، ولا انشغالهم بهمومه أو تفاهاته.. فليس فى إمكانهم أن يعيشوا حاضرهم اليوم من فراغ، وبلا ماض يتذكرون بعضه ويتمسكون بجانب منه، وليس فى إمكانهم أن يعزلوا حاضرهم بأطايبه ومثالبه عن تاريخ مجيد فى أعينهم، ينظرون إليه فى اعتزاز يصاحبهم فى صعودهم، ويعزيهم دائما ــ عما يمكن أن يصادفهم أو يحتمل أن يصيبهم من إخفاقات أو مرارات!

أخطر الفتن فتنة العالم الفاجر، وفتنة العابد الجاهل.. فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون!.. فهذا بفجوره يصد عن العلم وموجباته، وذاك بجهله وغيّه يدعو إلى الفجور!

لا مناص فيما يبدو حتى الآن من التسليم بأن تماسك أو ترابط كل جماعة من الجماعات البشرية الحالية ــ ليس شيئًا باقيًا على الدوام.. بل هو عرضة، وأكثر كلما طال أمده، للتفكك والزوال نتيجة تناحر داخلى مزمن ازداد وتفاقم، أو نتيجة هزيمة أو تشتيت أو إبادة من عدو داخلى أو أجنبى.. وحين تتشتت أو ينفرط عقد جماعة من الجماعـات، يصعب جدا ــ إن لم يكن من المحال ــ إعادتها كما كانت بعـد أن عاش نسلها فى «الشتات» أزمانا!

الصبر عن الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة. فقد توجب ألمًا وعقوبة، أو تجلب همّا وحسرةً وندامةً، وقد تثلم عرضا توفيره أنفع لصاحبه من ثَلْمه، وقد تذهب أمانًا حفظه خير من ضياعه!!

الفقير لا يهمه ولا يقلقه ماضى وقته وآتيه، بل يهمه وقته الذى هو فيه.. وكيف يهتم بما عداه وقوام عيشه لقمة تلقى بها يده إلى فمه ؟!

أصاب من قال: لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس.. الحياة أمل وبذل ومجاهدة، واليأس استسلام وقعود وموت!

لا تكف الأديان ودعاتها، عن لفت الأنظار إلى وجوب التكافل والتساند، وإلى البر والإحسان، وإلى مكارم العطاء، ولا تقصر فى استدعاء كل المعانى الطيبة التى تورى بالفضل لمن يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ولمن يؤمنون بالكل ويرون الذات محض عنصر فى الأسرة الإنسانية الكبرى.

من انشغل بالله عن نفسه كفاه الله مئونة نفسه.
ومن انشغل بالله عن الناس كفاه الله مئونة الناس،
ومن انشغل بنفسه عن الله وكله الله إلى نفسه،
ومن انشغل بالناس عن الله وكله الله إليهم!
من قعد به نسبه وحسبه، نهض به أدبه وعلمه!

لم تعد جماهيرنا تحب البطولة والإقدام والشجاعة، ولم تعد ترى فى عالمنا الحالى إلاَ الحرص على الذات والجرى وراء المال وابتغاء الراحة واللذة والاستمتاع.. انزلقنا دون أن يشعر معظمنا إلى دنيا غير حقيقية وغير إنسانية تسودها الأنانية المسعورة ويحكمها المكر والخديعة والحيلة وعدم المبالاة!
أصول الخطايا ثلاثة: الكبر والحرص والحسد.
فالكبر هو الذى دفع إبليس إلى ما صار إليه!
والحرص هو الذى أطمع آدم وأخرجه من الجنة!
والحسد هو الذى دعا قابيل إلى قتل أخيه!


محجة الصادقين هى من وراء الدنيا، قيل ومن وراء ما فى الدنيا وما فى الآخرة.
يموت جسم العابد الواقف فى رحاب ربه، ولكن لا يموت قلبه.
رحمات ربك تحيط بعبده الذى حفظ مقامه عنده ولم يفارق رحاب طاعته، إلى أن يجىء يومه، فذلك الذى يأتيه الله تعالى بسلام الدنيا ونعيم الآخرة.

Email:rattia2@hotmail.com
ww. ragai2009.com
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق